Sunday, October 19, 2008

كلنا ليلى: عن حلم


أعتقد أن أبسط حقوق ليلى أن يكون لها حلم ، وحرية أن تسعى لتحقيقه.
أن تصادر حلم ليلى ، أن تملي عليها أي الأحلام تجوز لها لهو أقسى أنواع العنف.
المشكلة الكبرى أن ليلى تربى على أن تدفن أي حلم " غير جائز" ، تدفنه بمكان حتى فكرها لا يستطيع الوصول اليه. منذ ولادتها ، تتعلم ليلى درسا أهم من كل شيء ، يدرسون لها طريقها في الحياة الذي لا يجب أن تحيد عنه.
هدفها يجب أن يكون دائما الزواج ..الذي ليس لدي أي شيء ضده بالطبع - المشكلة هو أن يكون هو الدرب الوحيد المتاح.
فاذا تعلمت ، فهو تتعلم لتحصل على زوج أفضل يريد زوجة متعملة.
وهنا يجب ألا تتمادى فتطلب ان تدرس بالخارج مثلا : لأنها لا يمكنها السفر بدون محرم.
اذا عملت ، فهي تعمل حتى تقابل زوجا مناسبا في مكان العمل.
والعمل نقطة شديدة الأهمية: ليلى مقرر لها مسبقا أعمال "تناسبها" ، فهي لا يجب أن" تحلم " حتى مجرد الحلم بشغل الوظائف" الرجالية على حد قولهم.
أصدقاء ليلى – حتى الفتيات منهم- يجب أن يمرون بالعديد من مراحل التصفية من قبل العائلة والزوج.
فهذه ليست مقبولة لأنها غير محجبة.
وتلك لأنها تدخن .
وأخرى لأنها تخرج كثيرا.

*****
هذا العام من كلنا ليلى مخصص للشهادات، ولأني لم أستطع أن أحصل على شهادة مسجلة ل م ، فسأحكي فقط حكايتها ، ليس كما روتها ، بل كما عشتها معها.
م هي انثى شديدة الجمال ، من النوع اللي بياخد عقل الرجالة فميفكروش في اي حاجة تانية ، وهي طفلة مات ابوها وسابها مع أمها واخوات ذكور.
من وهي في اعدادي كان بيجيلها عرسان كتير قوي ، اخواتها سمعوا الحكمة الشعبية اللي بتقول ان اللي بيجيلها عرسان زيادة عن اللزوم بتعنس ، فجوزوها وهي عندها 16 سنة لوحد أكبر منها ب 18 سنة ، يعني سنه أكثر من ضعف سنها.وقتها م كانت في الدبلوم ،لكن أصرت تكمل الدبلوم وهي متجوزة ، ودي بادرة بتعكس شخصية م بعد كده.
أنا مكنتش اعرفها ساعتها لكن باحكي اللي حكيتهولي ، جوزها – وزي منا شفته بعد كده - هو مش النوع المتدين ، لكن عايز يطبق الدين – من وجهة نظره طبعا – على مراته ، خلى مراته تتنقب. منعها من الخروج لأي حتة ولا حتى انها تزور أهلها ، كان بيسافر يشتغل في الخليج وهو متبع دبة النملة اللي بتعملها هنا.
لغاية هنا قصة م عادية أكثر من اللزوم ، في الفات زيها ، وانا متأكدة ان كل حد بيقرا دلوقتي بيفكر في واحدة يعرفها عايشة نفس الحياة.
المختلف ان م ماستسلمتش.لما قابلت م أول مرة كان عندها 22 سنة ، يعني بعد 6 سنين من جوازها ، ورقتها جوزها كان في الخليج كالعادة وهي كانت خلفت طفلين ، م كانت عاملة مشروع مع واحدة جارتها لتربية عيش الغراب وبيعه ، وبتفكر في مشروعين تلاتة وهي قاعدة في بيتها ، برضه علشان جوزها مياخدش خبر.
لازم برضه أقول ان جوز م كان مهندس وبقاله سنين بيشتغل في الخليج ، يعني حالته المادية مش سيئة اطلاقا ، لكن كان مع>ب م في الفلوس ، مش بيديها غير بالقطارة ومش بيجيبلها حاجات كتير هي محتاجاها ، وكل ده مش بخل زي ما هو شايف ان الفلوس دي ممكن تخليها تخرج عن طوعه ، أبسط مثال على كده ان لغاية دلوقتي مش راضي يجيبها غسالة أوتوماتيك ، علشان تفضل تاخد يوم كامل في الغسيل ، يعني ببساطة ، هو عايزها متحصلش على أس رفاهية علشان متبتديش تفكر فتتمرد.
لما م عملت مشروع عيش الغراب ده مع جارتها عملته علشان سببن ، أولا انها بتكره تبقى عايشة فاضية ، ثانيا ، ده كان بيديها فلوس اضافية تجيب بيها حاجات محتاجاها وجوزها مانعها عنها.
بعدها بشهور، م كانت نفسها تدرس دعوة وقران في معهد قران ، الطبيعي ان لو جوزها متدين حقيقي كان هيرحب جدا ، لكن طبعا لأن هو مش عايزها تخرج من البيت – حتى لو كانت خارجة المسجد – فهو رفض تماما. وبرضه م استنت لما سافر شغله وراحت المعهد من وراه.
بالطريقة دي فضلت كل شيء عايزة تعمله هو بيرفضه تماما وهي تستنى لما يسافر وتعمله من وراه.
طبعا الحياة دي مش صحية أبدا في رأي اي حد، وفي رأيها هي كمان. من سنة قررت م انها تواجه. طلبت الطلاق أو ان جوزها يحترم حياتها شوية ، كل اللي طلبته انها تكمل دراستها في الجامعة المفتوحة ، وانه يزود مصروف البيت شوية على قد امكانياته، م كانت معتقدة ان حياتها معاه في الكام سنة دول والطفلين اللي بينهم هيبقوا ليهم أهمية بالنسبة له وانه هيتمسك بيها علشانهم. لكن ده محصلش. جوز م طلقها علشان طلبت أبسط حقوق ليها.
طبعا مش هتكلم بقى عم أهلها اللي مرضيوش يستقبلوها علشان طلبها للطلاق ده ، واضطرت م انها تعيش عن واحدة قريبيتها من بعيد (رغم أنها حاضنة والبيت من حقها أصلا)
المهم بعد حوالي شهر، جوز م جه وتهدلها بكل اللي طلبته بس ترجع ، هي وافقت علشان تمشي الحياة وعلشان الولاد وكل ده ، ورجعت ، لكن جوزها استغل ضعفها قدام ولادها ولحس كل اللي كانوا اتفقوا عليه ورجع ألعن من الاول.
لكن م بقى كانت استبيعت ، كانت بدأت طريق ولازم تكمله، طلبت الطلاق مرة تانية ، ونفس السيناريو بالظبط اتكرر لغاية ما جه جوزها واتعهد بكل حاجة علشان يرجعها . لكن برضه مهما حصل هو مدهاش كل اللي هي عايزاه.
يعني مثلا م قلعت النقاب اللي هي مش مقتنعة بيه وفضلت محجبة ، وفك عليها شوية في مصروف البيت.وفي الخروج لأهلها وصحابها.
لكن الجامعة المفتوحة اضطرت تروحها من وراه برضه ، أظرف حاجة لما صادف انه وقت الامتحانات كان في القاهرة ، م كانت بتذاكر من وراه وبتعمل حكاية علشان تنزل تروح الامتحان وهو ميعرفش لكن برضه عملت اللي في دماغها.
**********
انا بحكي حكاية م بالذات لأنها حد أنا فخورة بيها جدا ، حد حلم رغم كل الظروف وعمل كل حاجة علشان يحقق حلمه ده.